تهدف حملة مشاركة النساء في الحياة العامة بالتساوي (دستوري يشملني)، بالشراكة ما بين تنمية و إعلام المرأة (تام)، و مركز الدراسات الدستورية، والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية إلى رفع الوعي المجتمعي بالقيم الدستورية التي لابد من إدراكها.
تأتي هذه الحملة إيماناً بأن الدستور لا بد من أن يكون ملكاً للشعب، وما هو إلا انعكاس متكامل لاحتياجاته وتطلعاته، فيفترض أن يكون معبراً عنا جميعاً، وحافظاً للحقوق، وحامياً للحريات، ومحدداً للسلطات واختصاصاتها. وعليه فلا بد من اشتراك الجميع في هذه النقاشات لكتابة دستور نستطيع القول بأنه ملك لنا جميعاً. ولأن النساء مواطنات كما الرجال ومساويات لهم في المجتمع؛ فلا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن وجودهن في عملية صياغة الدستور ركن أساسي، وأن إشراكهن في عملية التوعية الدستورية والتثقيف الدستوري أمر لا يُمكن غض النظر عنه، حيث أنّ معظم الدساتير في العالم سابقاً افتقرت لمشاركة النساء في عمليات الصياغة أو حتى النقاش، وذلك لعدة أسباب منها: إقصاء النساء من عمليات الصياغة تاريخياً، أو عدم اهتمام النساء بالدساتير سابقاً؛ كون الدراسات الدستورية كانت حكراً على الرجال لزمن ليس ببعيد جداً، ولكننا اليوم نرى العديد من الدستوريات والدستوريين على حد متكافئ تقريبا، ولكن ليس متكاملاً تماماً، لذلك لا بد إذاً من أن تكون حملة التوعية شاملة للجميع حتى يتمكن الجميع من المشاركة في عملية صناعة الدساتير القادمة؛ لتكون متوازنة وشاملة؛ فعبارة (نحن الشعب) لا تُقصي أحداً.
إنَّ عملية كتابة الدساتير في مراحل ما بعد النزاع أو الانقسام أو الانتقال الديمقراطي تعد علامة فارقة في حياة الشعوب، حيث أنّ هذه المرحلة تعد "لحظة دستورية" لا بد من أن تكون معبرة عمن جاءت لهم. ولكن حتى يستطيع الشعب أن يكون مشاركاً في هذه اللحظة لا بد من أن يمتلك الثقافة الدستورية التي تؤهله لذلك.
بدورها أعربت د. سناء السرغلي، أستاذ مساعد في كلية القانون، ومديرة مركز الدراسات الدستورية ورئيسة مجلس إدارة (تام) عن أهمية الحملة بقولها: "يسعدنا إطلاق حملة التوعية الدستورية التي تستهدف المواطن/ة الفلسطيني/ة؛ لأن الشعب المدرك والحامل لثقافة دستورية بإمكانه أن يناقش المسائل التي تعد جزءاً مهما في مرحلة بناء الدولة؛ "فاللحظة الدستورية" استحقاق وطني لابد أن يتم بوجود ثقافة دستورية متكاملة لدى الشعب بكلِّ فئاته. تأتي حملة الثقافة الدستورية مراعية لخصوصية فلسطين بوصفها مكاناً يمر بمرحلتين انتقاليتين هما: مرحلة التحول إلى دولة، ومرحلة السعي إلى ديمقراطية في آن واحد، وحقيقةً ربما تكون هذه التجربة الفريدة أفضل حالة للحديث عن البناء الدستوري؛ فالدستور في هذه الحالة يعد بمثابة جسر ناقل لفلسطين، والسبيل في عمليات مصالحة فلسطينية لبلد حُرم بسب الاحتلال من عناصر الدولة الكاملة، و لكن الدستور الذي نتحدث عنه قد يكون دستوراً مرحلياً أو مؤقتاً لحين الوصول إلى الدولة بعناصرها المتكاملة، ولكن الحاجة لهذا الدستور تنبع من أهمية وجوده مُنظِّماً للمؤسسات الدستورية في ظل الإشكالات التي تعتري القانون الأساسي الفلسطيني النافذ"
تأتي هذه الحملة مُثقِّفة بالمبادئ الأساسية الدستورية حول مفهوم الدستور، وكيفية صياغته، وما يفترض به أن يحتوي، وكيف يمكن للشعب أن يكون عاملاً أساسياً مشاركاً في هذه العملية.
تأتي هذه الحملة أيضاً عقب الانتهاء من كتابة مسودة للدستور الفلسطيني عام 2016، واستمرارية العمل بها لغاية الآن و تطويرها عقب نقاشات مع مؤسسات المجتمع المدني، فمن خلال هذه الحملة وعبر هذه المسودة نتطلع لنقاش وحوار متوازن حول ماهيتها ومدى مراعتها للحقوق والحريات ومدى مؤامتها للنوع الاجتماعي، وما طبيعة النظام السياسي التي تطرحة، والعديد من المسائل الأخرى، إضافة إلى النقاش حول مدى إمكانية إقرارها.
يتضمن المشروع عدة أنشطة تتضمن حملة توعية للمجتمع كافة بالأسس الدستورية، ورفع قدرة النساء على المشاركة في النقاشات الدستورية عبر تشكيل ائتلاف نسوي للدستور يستطيع نقل هذه المبادئ والتدريبات لغيره من النساء والفئات الأخرى، وكتابة وطباعة نشرة شعبية مبسطة حول الدستور والوضع الدستوري الفلسطيني، وتدريب الطلبة في الجامعات، وإعداد كتاب محكم حول الثقافة الدستورية يمكن أن تستخدمه الجامعات الراغبة مساقاً اختياريّاً، وإنتاج أفلام للتوعية بهذه المسائل، وعقد حلقات تلفزيونية وإذاعية، وإنتاج وكتابة تسعة أوراق علمية وفكرية حول الدستور الفلسطيني الذي نريد.